
حدود التقاطع بين الأمر الديني والقاعدة القانونية
- Post by: mustapha elalaoui
- 23 يونيو 2020
- No Comment
د. عز الدين العلام
أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني – الدار البيضاء
مقدمة
تطرح العلاقة بين الدين والقانون أكثر من سؤال، ومعها يتبيّن الفارق بين الأمر الديني والقاعدة القانونية من حيث طبيعتهما، وخاصة من حيث الجزاء المترتّب عن خرق مبدأ من مبادئهما. حقوق الله شيء، وحقوق الإنسان شيء آخر. والجزاء الأخروي شيء، والجزاء الدنيوي شيء آخر. القواعد القانونية، عامة ومجرّدة، تهمّ جميع المواطنين بغضّ النظر عن انتماء ديني أو غيره، وأوامر الدين خاصة، تهمّ المؤمنين به حصرا دون سواهم. حكمة القوانين دنيوية وعاجلة، تهمّ الحال، بينما حكمة الأوامر الدينية إلهية وآجلة، تهمّ المآل. نعم، قد تستوحي القواعد القانونية، عامة كانت أو خاصة، مبدأ من مبادئ الأديان في صياغتها لبعض موادها، غير أنّ الفارق يظلّ قائما بين الاستئناس ببعض المبادئ الإنسانية الخالدة التي قد نجدها في هذا الدين أو ذاك، وبين تحويل القول الديني الإلهي إلى قانون دنيوي بشري.
وإذا كان احتمال التعارض بين الأمر الديني والقاعدة القانونية قد يحدث في مجال ما، وقد لا يحدث في كثير من المجالات، فإنّ السؤال الحقيقي يظلّ قائما، وهو: ما العمل حين يتعذّر التعايش، أو يقع تعارض، وهو واقع فعلا، بين مبدأ من مبادئ الدين الإسلامي، وركيزة من ركائز القاعدة القانونية التي يقوم عليها المجتمع الحديث؟ هل يكون من حقّ أحد اليوم، أن يحلّل باسم الدين ما يمنعه القانون، أو يحرّم باسمه ما يجيزه؟
I
بحثا عن بعض عناصر الجواب عن حدود التقاطع بين الأمر الديني والقاعدة القانونية، نميّز في تناولنا للموضوع بين مجالين: أوّلهما مجال “خاص” يهمّ النّاس المسلمين في حياتهم اليومية، في معاملاتهم وعباداتهم (أو لنقل في حياتهم المدنية)، ويتكفّل بتقعيد أسسه، وتقنين ما يجب فعله أو تركه، فقهاء وعلماء الدين باعتبارهم المرجع المعتمد في شرح وتأويل النّص الديني، واستنباط ما يجب من أحكام “شرعية”. وثانيهما “عام” يهمّ المجال السياسي، وتحديدا الدولة، التي غالبا ما يُضاف إليها نعت “الإسلامية”، بصفتها السلطة العليا، أو ما أصبح يُسمّيه البعض بـ “القانون العام الإسلامي”.
حينما نطرح مسألة القانون في التجربة العربية الإسلامية، لا يمكن أن يقفز إلى ذهننا غير “الأحكام الشرعية” بخلفياتها الدينية. وهي الأحكام التي غذت، بالتزامن مع تثبيت أسس الدولة “الإسلامية” الوليدة “مجرد قانون إلى جانب قوانين وأعراف أخرى تنتظم بها شؤون الدولة السلطانية”[1].
أحكام الشرع في عمقها تهمّ المسلم في حياته اليومية، في معاملاته وعباداته وفضّ منازعاته. وهي بهذا المعنى القانون الوحيد “الشرعي” والمقبول، وما عداه مجرّد أحكام “جاهلية” لم ينزل بها سلطان على حدّ تعبير الفقيه المغربي الأندلسي أبو بكر الطرطوشي[2].
لم يكن فقهاء الإسلام ليقبلوا أي تقنين مدني خارج ما نصّ عليه الشرع. وبما أنّ قوانين الشرع هذه، تسري على جميع المؤمنين، فإنّها تلزم المحكومين والحاكمين على السواء. بل إنّ واجب الحاكمين لا يقتصر فقط على الخضوع لأوامر الشرع، وإنّما تحقيق كافة السبل والوسائل لاحترامها والسهر على تطبيقها. وهو الأمر الذي ما كان لأولي الأمر إلاّ أن يتحمّسوا له، ليس تيمّنا بما أمر به الشّرع، وإنّما تحسّبا لما يمكن أن يكون عليه مجتمع تغيب فيه ضوابط العلاقات بين الناس. والنّتيجة، حصول ذلك التساكن التاريخي بين الأوامر الشرعية والدّولة السلطانية (الإسلامية، إن شئت) مهما بلغت درجة استبدادها.
والحال هذه، هل صحيح، كما يرى البعض، القول بوجود تعارض بين السياستين، الشرعية والسلطانية؟ وهل وجود السلطان يعني انتفاء الشرع؟
لكي يتضح الجواب، يجدر بدءا أن ننظر في مواضيع ومجالات هاتين السياستين. الواقع أنّ ما يشغل بال مؤلفي “السياسات الشرعية” ليس هو ما يشغل بال مؤلفي “السياسات السلطانية”[3]. فأغلب اهتمامات الأوّلين تهم الجانب “المدني” من حياة المسلم من حقوق وحدود[4]، وأغلب مواضيع النوع الثاني تهم الجانب السياسي للدولة من “وظائف سلطانية” و”جيش” وأشكال “التدبير السياسي” وحكم “الرعايا”..
ومع ذلك، يصعب الإقرار بوجود انفصام بين الشرع والسلطنة إذ لا يستبعد الواحد منهما الآخر ولا ينفر منه، ذلك أن تطبيقات أحكام الشرع لا تستبعد الحياة السياسية السلطانية، كما أن الجهاز السياسي السلطاني لا يحول دون هذه التطبيقات. وإلاّ كيف يحدث لفقيه متشبع بالدين وعلومه أن يدوّن في الصباح ما أمرت به الشريعة، أو ما تصوره كذلك، ليتحول في المساء إلى أديب واعظ يسامر السلطان محدثا إياه عن مقتضيات التدبير السياسي السلطاني؟ وكيف تفسر أيضا أن جل من كتبوا عن السلطان وله هم فقهاء؟ وألا يقوم الكثير من المعاصرين، وفي هذه النقطة بالذات، بإسقاط همومهم الحالية على فقهاء، تؤكد معطيات عدة، أنهم لم يكونوا مرضى بهذه “الشيزوفرينيا” التي يريد البعض إلصاقها بهم.
وكما يجمع نفس الكاتب بين التصورين الشرعي والسلطاني، لا شيء كان يمنع السلطان من الجمع بين الأمر الشرعي والتدبير السلطاني. فلا أحد يمكنه ادعاء امّحاء الشرع في مختلف التواريخ الإسلامية: السلطان والشرع يتكاملان ويتساكنان، وكل واحد يجد في الآخر ضالته. “إن السلطان يخدم الشريعة ظاهرا لأنها تخدمه باطنا”[5]. وكما أنّ إقامة أحكام الشرع تتطلب وجود السلطان، فإن وجود هذا الأخير واستمراره يستلزم الحرص على هذه الأحكام. فتطبيقات الشرع هي أكثر من أن تُختزل في بُعدها الإيديولوجي، إذ تحقق للسلطان انتظام الرعايا في حياتهم “المدنية” ومعاملاتهم وفض منازعاتهم واستقرارهم الاجتماعي، وكلها شروط أولية لوجود أي سلطة سياسية.
وبناء على ما سبق، هل يمكن أن نتصوّر حدوث تنازع في الاختصاص بين أصحاب السلطة السياسية ومنفذي الأوامر الشرعية؟ من يهيمن على من؟ هل يتعلق الأمر بفصل بين السلطتين السياسية والدينية؟ هل يطمح السلطان بوصفه الحافظ لشرائع الدين إلى إضفاء طابع ديني على الوظائف السياسية، أم أنه، على العكس من ذلك، يعمل على إضفاء طابع دنيوي على “الخطط الدينية” نفسها؟
لا ندعي الجواب على أسئلة من هذا الحجم، ولكن يبدو، وعلى خلاف ما يعتقد البعض، امّحاء كل تعارض بين الدين وأوامره، والسياسة ومقتضياتها. ذلك أنّ عمل “الموظفين” الدينيين، مركزيين كانوا أو محليين، على تطبيق مقتضيات الشرع، لا يلغي الحياة السياسية السلطانية، كما أن عمل الموظفين السلطانيين ما كان له أن يحول دون تطبيقات الشرع ومبادئه[6]. فكيف للسلطان وأعوانه أن ينزعجوا من “إمام” يتقدم الناس للصلاة، أو “مؤذن” ينادي عباد الله من أعلى صومعته؟ ولماذا سينزعج أولو الأمر من “محتسب” يراقب الأسواق، أو “قاضي” يفصل في بيوعات وإجارات وكافة منازعات الرعايا؟.. على العكس من ذلك تماما، يبدو السلطان في حاجة لهذه “الخطط الدينية” التي تغطي عن سلطته “العصيبة” ببعدها الرمزي والديني، وتكفيه شرور النظام المجتمعي. في هذا السياق يتجاوز الدين بما يتضمنه من أوامر وشرائع كونه أداة “أدلجة”، أو وسيلة هيمنة، ليصبح بالأساس وراء انتظام الرعايا في حياتهم اليومية والمدنية. يحتاج السلطان إلى هذا الانتظام الذي تحققه شرائع الدين ومن يعمل على تطبيقها، وتحتاج هذه الشرائع نفسها إلى سلطان يحميها من كل بدعة تخل بركائزها، ولمن يحقق لها حدا أدنى من الأمن والطمأنينة لتفعيلها[7].
ذاك كان واقع المجتمع والدولة السلطانيين. والسؤال المطروح اليوم، هو علاقتنا بهذا الإرث، خاصة وأنّ هناك دعوات لا تزال إلى اليوم تنادي بتطبيق الحدود الشرعية في ظلّ واقع يفصح عن تغيّرات طالت المجتمع والدولة على السواء، ولا مجال لإنكارها.
كلّنا يعاين اليوم أنّ القوانين المغربية، مثلها مثل كلّ قوانين العالم، قوانين وضعية. للمغرب قوانين دستورية استُفتي فيها المواطنون، تسيّر المجال السياسي. وله قوانين مدنية يحتكم لها عموم النّاس في حياتهم اليومية. ورجوعا إلى “الشّريعة” في علاقتها بالقوانين، يبدو جليا أنّ مجالها بدأ منذ زمان في الانحسار، وأنّ “الأحوال الشّخصية” تكاد تصبح الحقل الوحيد الذي يستلهم تقنياته ومرجعياته من الأمر الديني. وحتّى هذا المجال لم يبق في منأى من إخضاعه لتعديلات يفرضها التّطور الاجتماعي، وما “مدوّنة الأسرة” الأخيرة في المغرب، والمناقشات العلنية الجارية في موضوع الإرث وتعدّد الزوجات إلاّ دليل على ما نقول.
يحتجّ البعض في حرصه على الامتثال للأحكام الدينية بكون الأمر يتعلّق بآيات “تشريعية”، أو ما يسميه بالنصوص “القطعية”[8]. والواقع أنّ هذه النصوص الخاصة بأحكام الأنكحة والطلاق والإرث (هذا فيما لو استثنينا الحدود المرسومة للسرقة والزنا التي أصبحت في حكم الماضي بابتلاعها من طرف القوانين الجنائية لأغلب الدول العربية والإسلامية)[9]، نجدها في الغالب الأعمّ مطبّقة، ليس بأمر الدّولة، أو حرصا منها على تعاليم الإسلام، ولا بمجهود بذلته الحركات الإسلامية أو غيرها، وإنّما لأنّ المجتمع نفسه استبطنها كحياة وعادات وثقافة.
ومن جهة أخرى، يحتمي بعضهم وراء مبدأ “الاجتهاد” في محاولة لتذويب كلّ تعارض بين ما يأمر به الدين، وما تفرضه قواعد القانون. لست فقيها ولا عالما شرعيا لأخوض في تقنيات “الاجتهاد” وآلياته التي يشتغل بها. وأنا هنا أتساءل كباحث: ما هو المعنى العملي للاجتهاد؟ الكثير ممّن يدّعي الاجتهاد في موضوع من المواضيع المطروحة للنقاش، لا يفعل أكثر من ليّ عنق النصوص، واستعمال “الحيل الفقهية”، التي دأب عليها بعض فقهائنا، ليجد تبريرا لسلوك طارئ فرضه الوقت، أو ليقيس ما يقع الآن بما وقع الأمس، علّه يجد مسوّغا شرعيا يعزّز به موقفه.. بل إنّ السؤال لا يقف عند هذا الحدّ، فحتّى البعض ممن يدّعي التنوير والحداثة، لا يتوان في تبريراته عن القول إنّ هذه القاعدة القانونية أو تلك لا تتعارض مع المبادئ العامة للدين الإسلامي. ذاك يؤوّل الحكم الديني ليقول بمسايرته لمستجدات العصر، وهذا يؤوّل القواعد القانونية، ويصبغ عليها طابعا تعميميا ليؤكّد عدم تعارضها مع أحكام الدين. والاثنان معا يصرفان دائما جهدهما إلى “ربط الحكم القانوني بدليله الشرعي”[10]. والواقع أننا نعيش مفارقة عجيبة: تجدنا منغمسين فعلا، عن طواعية أو كره، في متطلّبات العالم الحديث، بينما نروّج لأصالة لا يتعدى وجودها ذهننا.
في كتابه “من ديوان السياسة”، يقول عبد الله العروي إنّ البرلمان، وهو صانع القوانين، ليس من شأنه “أن يقرّ أنّ الله موجود أو غير موجود، أنّ الكون متناه أو غير متناه، إلخ. الدين، الفلسفة، العلم، الذوق، كلّ ذلك خارج اختصاص البرلمان. اختصاصه تشخيص المصلحة العامة، موكلا مهمة تحديد طرق تحقيقها للحكومة. لكن ما يميّز الدستور الملكي هو أنّه يمنع من التّعرض لمسائل مصلحية واضحة تمّ الفصل فيها مسبّقا[11]“.
هل يحقّ اليوم لبرلماني ما أن يقترح قانونا يطالب فيه بالتّشريع للزواج المدني مثلا؟ هل يكون بإمكانه أن يطالب بقانون صريح يمنع منعا باتا تعدّد الزوجات بدل التّحايل على ما نصّ عليه الحكم الشّرعي؟ هل مشروع له أن يقترح قانونا يضمن للأنثى الواحدة حظّ الذكر الواحد في الإرث؟ هل يحقّ لفريق برلماني أن يقترح في إطار ما تنصّ عليه القوانين، تعديلا دستوريا يفصل بالواضح بين ما هو ديني وما هو سياسي؟
الجواب طبعا هو “لا” بمنطوق الفصل 32 الذي يجعل من “الزّواج الشرعي” الأساس الذي تقوم عليه الأسرة، وبمنطوق الفصل 64 الذي يمنع عن البرلماني “المجادلة” في الدين الإسلامي، وبمنطوق الفصل 175 الذي يمنع “مراجعة الأحكام المتعلّقة بالدين الإسلامي”[12].
ولكن، ألا يوجد الكثير من الأحكام الشرعية التي تمّ إهمالها في صمت ودونما أيّ ضجيج؟ من منّا يتحدّث اليوم عن حدود قطع يد السارق، أو جلد الزّاني التي تعجّ بها كتب السياسات الشرعية؟ من منّا يتحدّث اليوم عن أحكام الرّق التي لا نزال نردّد الآيات المتعلّقة به؟ لماذا إذن “لا نقول إنّ أحكاما شرعية أخرى يجوز إهمالها إذا لم تعد فائدتها واضحة (…) تعليق حكم شرعي من طرف البرلمان، لا يعني الحكم ببطلانه مطلقا، لا ماضيا ولا مستقبلا، فليس فيه ما يدلّ على تكذيب أو تسفيه أو مروق أو عقوق”[13].
II
إذا كان من الأكيد أنّ التجربة العربية الإسلامية عرفت تنظيما -مهما كان مصدر هذا التّنظيم- لحياة الناس اليومية في معاملاتهم، بيوعا وإجارات ونحوها، وفي أحوالهم الشخصية، إرثا وأنكحة وطلاقا وغيرها.. فإنّ الحديث عن قانون عام “إسلامي” يتخلّله الكثير من الخلط والمبالغة.
من العبث أن ننفي وجود كتابات عدة فكّرت في الدولة وفي السياسة. فهناك العديد من المدوّنات الفقهية، غير أنّ أصحابها ظلوا يبيعون حلم الخلافة لمن أراده، وهي بطبيعتها ليست قانونا عاما، علما أنّ هاجسهم الأساسي كان ينحصر في تلقين المؤمنين أمور عباداتهم، وطرق معاملاتهم، وفضّ منازعاتهم. وهناك العديد من التّأملات الفلسفية، غير أنّ أصحابها ظلوا غرباء داخل دار الإسلام، كما ظلّت مدنهم الفاضلة علامة على سفالة المدن التي عايشوها. وهناك مؤرخون لم يفعلوا أكثر من إخبارنا بمن تعاقب على الرقعة العربية الإسلامية من سلالات حاكمة. وهناك أيضا أدباء وكتّاب بلاط قدمّوا نصائحهم وخبرتهم للحاكمين تبريرا لاستبدادهم الخارج أصلا عن القانون، العام منه والخاص.
من بين الأشياء التي تثير الانتباه في هذا الموضوع، الخلط الفظيع بين الإسلام كبناء ذهني، وبين التجربة الإسلامية كواقع فعلي[14]، ناهيك عن تأكيد بعضهم أن لا شيء ينقص في الإسلام، فهو مطلق وكامل، يتضمّن كل الأشياء. فيه كلّ الحقوق والواجبات، القانون والمؤسسات، الديمقراطية والحريات، بل إنّ “الفقه الإسلامي”، كما قال أحدهم، وصل إلى بناء صرح عظيم ضخم يعتمد على أسس قوية صالحة لتحمل كلّ جديد دون أن يترك للقوانين الوضعية الحديثة فراغا تحتله أو فجوة تنفذ منها”![15].
قد يكون مثل هذا القول مفهوما لو تفوّه به دعاة ووعاظ ومبشّرون، بل وحتّى حركيون سياسيون، لا همّ لهم في البحث والسؤال. أمّا وأن ينطق به أساتذة باحثون وجامعيون، فذاك حقا مدعاة للتساؤل[16].
غالبا ما يتمّ الحديث عن “السياسة الشرعية” باعتبارها السلوك القويم و”القانوني” للدولة الإسلامية. غير أنّه ما علينا إلاّ أن نفتح كتابا من كتبها المتناسلة والمستنسخة على مرّ الزمان الإسلامي لنتبيّن أنّ جزءا كبيرا منها، كما أوضحنا في الفقرات السابقة، أقرب إلى “القانون الخاص” منه إلى “القانون العام”، وأنّ مواضيعها، حدودها وحقوقها، تهم المسلمين في معاملاتهم ومنازعاتهم وحياتهم اليومية، أكثر ما تهم المجال السياسي[17].
وبالفعل، يصعب إدراك المنطق الذي يصنّف به بعض الباحثين مثل هذه الكتابات ضمن “موضوعات القانون العام” و”القواعد الدستورية” و”المساواة أمام القانون” و”الحريات العامة” و”حرية الرأي والمعارضة”، و”التوازن بين السلطان والرعية[18]! والواقع أنّ من يتحدّثون عن “قوانين” و”حقوق” في هذا المجال لا يقومون إلاّ بنوع من “الإسقاط” يصعب تماما تبنّيه.
ومن منظور آخر، يتجاوز البعض دائرة “السياسة الشرعية” ليؤكّد أنّ “الخلافة” هي “النظام السياسي الإسلامي” الحق، وأن تفاصيلها هي بالضبط قواعد القانون العام الإسلامي. هكذا يتحدّثون عن “البيعة” كعقد وحقوق وواجبات كما لو أنّ السلطة السياسية طيلة التّجربة العربية الإسلامية كانت فعلا تعاقدا وتوافقا، بيعة راضية مرضية، كما حلم بها الفقهاء. ولكن، ما علينا إلا أن نفتح مرجعا من المراجع التي تتحدث عن الخلافة، فلن نجد غير تعريفات لها، وحديثا عن ضرورتها، وتفصيلا في شروط من يتولاها، وذكرا لحقوق الخليفة على رعيته، وبسطا لواجباته تجاهها[19]..إلخ وهذه كلها أمور “نظرية” لا حظ لها من الواقع، وإلا فمَن من عشرات الملوك والسلاطين (الخلفاء، إن شئت) الذين تعاقبوا على الحكم الإسلامي استوفى الشروط التي يثرثر بشأنها فقهاء لا حول لهم ولا قوة، ومَن من هؤلاء الخلفاء أزيح عن السلطة لعدم قيامه بواجبات أطنب في شرحها فقهاء لا يريدون غير النجاة بأرواحهم. إنّ الحقوق التي يتحدّث عنها بعض المحقّقين والباحثين لا تقوم على مبدأ “التّعاقد” Le contrat بقدر ما يتحكّم فيها شرط “الولاء” L’allégeance، كما أنّها أولا وأخيرا، تظلّ رهينة سلوك أخلاقي، أي أنها مرتبطة أشد الارتباط بشخص السلطان في مدى حبه للعدل وتعلقه بالشرع.
إنّ السؤال الحقيقي، ونحن نتحدث عن الدولة في الإسلام، هو: هل نصدق أحلام الفقهاء وهم يتحدثون عن عقد “الإمامة” في تفاصيله، و”الولاية” في مختلف أشكالها، أم نصدّق ابن خلدون وهو يتتبّع مسارها وأطوار عصبيتها؟ هل نرفع وهم “الأدلوجة” إلى مقام “الحقيقة”، أم ننظر إلى سير الوقائع في تاريخيتها؟ وبعبارة أوضح وأوجز، لقد ظلت الخلافة دائما، وستظل أبدا، “حلما” جميلا يركن إليه المسلم كلما ضاق به الحال، واشتدّ عليه الطغيان السياسي[20]. فهل يكون علينا أن ننظر إلى المثال والطوبى باعتبارهما قواعد قانونية؟
لقد جرت العادة، وهذا أمر غريب أصبح بديهيا بقدر ما تكرّر على جميع الألسنة، أن نعتبر الإسلام دينا ودولة في نفس الآن، في مقابل “مسيحية” تفصل بين المجالين فاتحة الباب نحو “علمنة” الدولة! والواقع أعقد من ذلك. فالديانتان معا، دين بلا دولة من حيث العقيدة، وهما معا دين ودولة من حيث الوقائع الاجتماعية والسياسية[21].
والحال هذه، يبدو أنّ عبارة “دولة إسلامية” التي اعتدنا سماعها، لا تستقيم لتضمّنها خلطا فظيعا بين الوقائع والتصورات، بين “التاريخ” كما جرى بالفعل، وبين “المثال” كما تم بناؤه في الذهن، وهو ما أوضحه المفكّر عبد الله العروي بتأكيده على “أنّ عبارة دولة إسلامية مرفوضة، مادامت الدولة الإسلامية في الحقيقة هي الخلافة. عبارة دولة شرعية أصح، لكن تتسبب في التباس كبير لأن القارئ العادي لا يفرق بين الدولة الشرعية والخلافة. إذا قلنا دولة الإسلام أو دولة المسلمين، فالقول مقبول ما دمنا لا نعني نظاما إسلاميا بل فقط نظاما تُقام فيه شعائر الإسلام، ويعيش فيه مسلمون مؤمنون، لكن الالتباس لا يرتفع. تبقى عبارة دولة سلطانية، وهي التي اخترناها، الأقرب إلى الواقع والأقل التباسا”[22]. في هذا السياق، يضيف عبد الله العروي، موضحا الخلط الذي يرتكبه الكثير، سلفيون ومستشرقون، عندما يؤكدون مثلا أن “النصرانية” دين فقط، وأن “الإسلام” دين ودولة، ذلك أنّهم “عندما يقولون: النصرانية دين، فإنهم يعنون المعتقد، وعندما يقولون: الإسلام دين ودولة فإنهم يعنون الحضارة الإسلامية. لو عنوا بالنصرانية حضارة محددة لوجب عليهم الاعتراف بأنها دين ودولة، كنيسة وإدارة، بابوية وإمبراطورية، ولو عنوا بالإسلام المعتقد لوجب القول إنه دين فوق الدولة وما سواها”[23].
واليوم، ما علاقة الدين بالدولة في المغرب الحديث؟ يؤكّد الدستور الجديد على أنّ المملكة المغربية دولة إسلامية (ديباجة الدّستور)، وأنّ الإسلام هو دين الدّولة (الفصل 3)، كما أنّ ملك المغرب هو أمير المؤمنين وحامي حمى الملّة والدين (الفصل 41). ومع ذلك، إذا كانت الثوابت الثلاث التي أشار إليها الملك في إحدى خطبه[24]، وهي “الخيار الديمقراطي” و”النظام الملكي” و”الوطن” ليست محل تعارض، بما أنّ الأوّل ضرورة تاريخية لا مجال فيها للاختيار، والثاني لا يشكّل في حدّ ذاته عائقا أمام هذه الضرورة، والثالث هو ما يجمعنا كمغاربة، فإنّ الثابتين المتبقيين اللذين أشار إليهما نفس الخطاب الملكي، وهما “الإسلام دين الدولة”، و”إمارة المؤمنين”، ليسا بالمطلقين في ثباتهما. ذلك أنّ الدولة الحديثة في جوهرها وماهيتها لا دين لها، أو لنقل لها كلّ الأديان دون أن يكون لها أي دين بالتحديد لأنّ ما يجمعها بمواطنيها هو القانون والمؤسسات، ولأنّ إدخال دين محدّد في صلب الدستور من شأنه إهدار حقوق المواطن الذي ينتمي لدين آخر، أو لا يدين بأي دين. أمّا التنصيص على “إمارة المؤمنين”، فيتطلّب شيئا من الاستفسار. فإن كان مجالها ينحصر في شؤون الدين فلا ضير في ذلك، بل قد تكون فائدتها أعم وأشمل، أمّا وأن تعكس ظلالها على المجال السياسي، كما حدث في عهد الملك الراحل، حين قرّر بعض البرلمانيين، لأسباب لا مجال للتفصيل فيها، الانسحاب من البرلمان، فذاك شأن آخر.
هل يمكن لدولة حديثة أن تعتنق دينا ما؟ وأيّ مدلول يمكن أن نعطيه لإمارة المؤمنين، وهي، كما يقول البعض، التّجسيد الفعلي لإسلامية الدّولة المغربية؟ لقد تحدّث الكثير، مغاربة وأجانب، عن “البيعة” كعقد وحقوق وواجبات. فهل كانت السلطة السياسية في المغرب التقليدي تعاقدا وتوافقا، بيعة راضية مرضية (كما حلم بها الفقهاء)، أم أنها لم تعدو أن تكون شوكة وقوة وعصبية، ولا بأس في إلباسها رداء البيعة.
لم تكن البيعة حسب وقائع التاريخ، تعاقدا اجتماعيا بالمعنى الذي يمكن أن يتلاءم مع أسس الدولة الحديثة، وكلّ المحاولات لجعلها في تلاؤم مع مقتضيات هذه الدولة تبقى مجرد تمرين ذهني. كيف لنا أن نزيل عن البيعة جوهرها الديني، والدولة الحديثة في أساسها “لا دينية”. ألا يظلّ الفارق بين النظام السلطاني التقليدي والنظام السياسي الحديث قائما، والتعارض بينهما موجودا؟ كيف لنا أن نوفق بين مبدأ “تحريم الخروج” عن السلطان الموجود في أساس الدولة السلطانية، ومبدأ “الحق في المقاومة”Le droit à la résistance الذي أسّس عليه “جون لوك” Jean Locke عقده السياسي؟ الدولة الحديثة كما أكدت نفسها عبر التاريخ تعاقد اجتماعي، والدولة المغربية التقليدية، كما قدّمها لنا تاريخها، استبداد سياسي. لتعاقد الدولة الحديثة مرجعه النظري المتمثل أساسا في كون مستودع “السيادة” ومصدر السلطة هو المجتمع (الأمة، الشعب..)، ولاستبداد الدولة التقليدية مرجعه النظري أو بالأحرى مسوّغه الشرعي المتمثّل في البيعة.
ومع ذلك، من الصّعب جدّا، رغم كلّ المقتضيات الدستورية المذكورة، الاعتقاد أنّنا أمام دولة “دينية”، ذلك أن الدولة “الدينية” لم توجد أبدا، وغير موجودة الآن، لسبب بسيط هو أن المجال السياسي بالتحديد، هو مجال صراع بشري دنيوي، ومجال تناقض المصالح والحاجات. غير أن هذا لا يمنع الدولة طبعا من استعمال الدين، كما قد تستعمل غير الدين، للحفاظ على كينونتها السياسية، وصيانة مادتها المجتمعية. وبهذا المعنى يمكن القول إن علاقة الدولة بالدين في المغرب، هي في نفس الآن علاقة احتياج متبادلة، كما هي تعبير عن ضعف في استقلاليتها لن يحسم فيه غير صيرورتها التّاريخية.
إنّ احتياج الدولة للدين هو شهادة ضعفها وعجزها على أن تتقدّم أمام مواطنيها عارية عن كلّ المساحيق الدينية والأخلاقية، أن تجعل من نفسها “قيمة” Valeur مستقلة في حد ذاتها عمّا عداها من القيم. وهو ضعف لا يعود حصرا لها وحدها كدولة، بل يسري أيضا على ما نسميه بـالمجتمع المدني؛ إذ من تكون الدولة إن لم تكن صورة المجتمع وروحه؟
__________
[1] عبد الله العروي، مفهوم الدولة، المركز الثقافي العربي، 1981، ص 102.
[2] في مقدمته لـ “سراج الملوك”، وبعد تأمله فيما تم وضعه من “سياسات في تدبير الدول والتزموه من القوانين في حفظ النحل”، يميز أبو بكر الطرطوشي بين “الأحكام” و”السياسات”. ويعني بالأحكام كل ما تعلق بـ “الحلال والحرام والبيوع والأنكحة والطلاق والإجارات ونحوها والرسوم الموضوعة لها والحدود القائمة على من خالف شيئا منها”، ويقصد بـ “السياسات” كل ما يتعلق بـ “تدبير الحروب وأمن السبل وحفظ الأموال وصون الأعراض والحرم”. أنظر: سراج الملوك، تحقيق: جعفر البياتي ورياض الرايس، لندن، 1990، ص50 -51. وهو نفس التمييز الذي نجده في كتاب: أدب الدنيا والدين، بين أدب شريعة وأدب سياسة، ويعني الماوردي بالأول كل “ما أدى إلى قضاء الفرض” وبالثاني كل “ما عمر الأرض”، أنظر: المارودي، أدب الدنيا والدين، دار إحياء التراث العربي، 1979، ص 114. ومرة أخرى، هو نفس التصور الذي نصادفه في مقدمة كتاب “الجوهر النفيس في سياسة الرئيس” لابن الحداد الذي يرى أن السياسة نوعان: “سياسة دين” و”سياسة دنيا”. تتعلق السياسة الأولى بكل “ما أدى إلى قضاء الفرض” أما سياسة الدنيا فتتعلق بكل “ما أدى إلى عمارة الأرض”. أنظر: ابن الحداد، تحقيق ودراسة: رضوان السيد، دار الطليعة، 1983، ص61-62.
[3] للتفصيل في موضوع السياسات السلطانية، يمكن الرجوع إلى: عز الدين العلام، الآداب السلطانية: دراسة في بنية وثوابت الخطاب السياسي، منشورات عالم المعرفة، الكويت، 2006.
[4] يكفي تصفح فهرس كتاب ابن تيمية في “السياسة الشرعية” أو كتاب تلميذه ابن القيم الجوزية في “الطرق الحكمية” لنستنتج ما كان يشغل بال مؤلفي السياسات الشرعية، فإذا كان الفكر السياسي يهتم مبدئيا بموضوع الدولة وتوابعها، فإن السياسة الشرعية تهتم بالأساس بموضوع الحدود والحقوق المفروضة على المسلم لتنظيم البيوعات والإجارات والأنكحة والطلاق أو عقوبات السارق والزاني وشارب الخمر..إلخ وقد يحتج البعض بكون الأدبيات الشرعية خصصت فصولا، بل وأنها غالبا ما تبدأ بموضوع “الولايات”، وهو موضوع “سياسي”، ولكن، لنأخد كتاب “ابن تيمية” في السياسة الشرعية، وهو الأكثر تداولا، ولنقارن بين اللغة العامة والأخلاقية التي تطبع حديثه الموجز عن “الولايات” واللغة المدققة والمفصلة التي تطبع باقي الفصول لنتأكد مما يشغل فعلا بال مؤلفي السياسات الشرعية.
[5] عبد الله العروي، مفهوم الدولة، مرجع سابق، ص107.
[6] الغالب هو تساكن السلطان والشرع، ولكن هذا لا يمنع من حصول الاستثناء وحدوث بعض التناقضات التي قد تذكيها ظروف خاصة. أنظر بهذا الصدد: محمد عابد الجابري، المثقفون في الحضارة العربية: محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد، مركز دراسات الوحدة العربية، 1995.
[7] احتياج السلطان للشرع، والشرع للسلطان متبادل. ولعل أبلغ تصوير لهذه الحاجة المتبادلة تتمثل في اعتبار الآداب السلطانية للملك والدين “أخوين توأم”.
[8] يلاحظ الباحث محمد أركون في عدد من دراساته أنّ عدد الآيات التشريعية في النّص القرآني لا يتجاوز أصابع اليد، وهي آيات تهمّ الإرث والأنكحة والطلاق وبعض الحدود. أمّا الباقي، ويكاد يكون مجمل القرآن، فهو منظومة قيم، وَعْد ووعيد، وحثّ على مكارم الأخلاق، وعِبر لمن اعتبر. من هذا المنظور لا تتجاوز الترجمة الفعلية (أو لنقل القانونية) للآيات القرآنية الالتزام بتلك الحدود والحقوق. أمّا ما تبقّى، وهو مجمل القرآن، فيستعصى عن كلّ تفعيل باعتباره كلاما أخلاقيا-دينيا، لا تحديد مادي له.
[9] لنكن واقعيين. كلّنا يعلم أنّ فعل السرقة أمر ملازم لأي مجتمع يقوم على الملكية الخاصة، وأنّ ممارسة الجنس خارج الزواج (أي الزنا) أمر يعرفه الجميع، وأنّ استهلاك الخمور أصبحت طقوسا يومية، هذه وقائع نعاينها جميعا. فهل بقطع الأيادي نحارب آفة السرقة؟ وما عساه يفعل مجتمع أكتع؟ وكيف يكون حال مجتمع يشوّه أجساد مواطنيه؟ وكم جلاّدا يحتاج إليه لو عايننا استهلاك الخمور؟ أمّا حدّ الزنا، فأمره محيّر لأنّ بيّنته بكلّ بساطة مستحيلة التّحقق وأمّا البينة، كما يقول قاضي القضاة الفقيه الماوردي “فهو أن يشهد عليه بفعل الزنا أربعة رجال عدول لا امرأة فيهم، يذكرون أنّهم شاهدوا دخول ذكره في الفرج كدخول المرود في المكحلة، فإن لم يشاهدوا ذلك على هذه الصفة فليست شهادة”. أنظر: الأحكام السلطانية والولايات الدينية، منشورات المكتب الإسلامي، بيروت، 1996م، ص342.
[10] علي مزغني وسليم اللغماني، مقالات في الحداثة والقانون، دار الجنوب، تونس، 1994م، ص81.
[11] عبد الله العروي، من ديوان السياسة، المركز الثقافي العربي، 2009م، ص123.
[12] أنظر تفاصيل الفصول المذكورة في نصّ الدستور المغربي لسنة 2011م.
[13] عبد الله العروي، من ديوان السياسة، مرجع سابق، ص124.
[14] أنظر على سبيل المثال: الفصل الرابع المعنون بــ “النظام السياسي الإسلامي ومرتكزاته”، حيث يتحدّث المؤلف عن مرتكزات “الشورى” و”العدالة” و”المساواة” و”الحرية”. غازي صلاح أبو العينين، مدخل لدراسة القانون العام الإسلامي، الدار البيضاء، 2013م.
[15] نفس المرجع، ص68-69.
[16] بعيدا عن كلّ تعميم، يمكن الإشارة إلى بعض الباحثين الذين اجتهدوا وتساءلوا في صياغتهم للموضوع، وأذكر هنا على سبيل المثال : كتاب الأستاذ محمد موقيت تحت عنوان « Droit public musulman – Aspects classiques et contemporains » Afrique Orient 2011 وكتاب علي حسني “الدولة السلطانية؛ إشكالية القانون العام في الشريعة الإسلامية”، الدار البيضاء، 2005م.
[17] أنظر على سبيل المثال: فهرس كتاب ابن تيمية “السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية”، وكتاب تلميذه ابن القيم الجوززية “الطرق الحكمية في السياسة الشرعية”.
[18] أنظر على سبيل المثال: مقدمة تحقيق جعفر البياتي لـكتاب “سراج الملوك” لأبي بكر الطرطوشي، رياض الرايس، لندن، 1990م، ص23 وما يليها.
[19] أنظر على سبيل المثال: الماوردي، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، منشورات المكتب الإسلامي، بيروت، 1996م، ص13-38.
[20] عبد الله العروي، مفهوم الدولة، مرجع سابق، ص101 وما يليها.
[21] أنظر تحليلا دقيقا للموضوع عند عبد الله العروي في كتاب: مفهوم الدولة، مرجع سابق، ص120-123.
[22] عبد الله العروي، مفهوم الدولة، مرجع سابق، ص120.
[23] نفس المرجع، ص122-123.
[24] يتعلق الأمر بالخطاب الملكي لــ 9 مارس 2011م.