
دعوة للكتابة في العدد الثامن لمجلة تحولات معاصرة عن: “مستقبل الأسرة في ضوء مخرجات هيئة مراجعة المدونة”
- Post by: mustapha elalaoui
- 19 يناير 2025
- No Comment
بتاريخ 23 دجنبر 2024، أعلن بلاغ صادر عن الديوان الملكي عقب جلسة عمل ترأسها ملك البلاد عن مخرجات هيئة مراجعة المدونة الأسرة وأهم مستجداتها. وقد أكد البلاغ بأن الهيئة رفعت تقريرا يتكون من حوالي 139 مقترح تعديل داخل الآجال المحددة، تمت إحالة 17 مقترحا منها له صلة بنصوص دينية على المجلس العلمي الأعلى قصد النظر الشرعي فيها.
وبعد نظر المجلس العلمي الأعلى في التعديلات المحالة عليه وإجراء الملك بصفته أميرا للمؤمنين للتحكيمات الضرورية في القضايا التي عبر فيها المجلس العلمي عن أكثر من رأي، فقد انتهت عملية المراجعة في مرحلتها الأولى بإحالة الملك لهذه المخرجات على الحكومة وتكليفها أولا بالتواصل بشأنها مع الرأي العام قصد تقديم التوضيحات الضرورية بشأنها، ثم العمل على بلورتها في مبادرة تشريعية وفقا للدستور وللمرجعيات والمرتكزات الواردة في الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة بتاريخ 26 أكتوبر 2023، وذلك داخل آجال معقولة.
وقد جاءت آراء المجلس العلمي الأعلى بعدم الموافقة على ثلاث مقترحات لمخالفتها لنصوص شرعية وتهم إعطاء النسب بناء على البصمة الوراثية الجينية، وإلغاء التعصيب في الإرث، ثم التوارث دون اعتبار لاختلاف الدين.
كما قدم المجلس العلمي الأعلى مقترحات بديلة بخصوص التوارث بين الزوجين مختلفي الدين باقتراح الوصية بإرادته أو الهبة دون اشتراط الحيازة الفعلية ثم التوارث بين الكفيل والمكفول، حيث يمكن في حال غياب ورثة وتنازل الدولة أو الوصية الإرادية أو الهبة من غير اشتراط الحيازة الفعلية وفي موضوع ولد الزنا يمكن تحميل الأب كما الأم المسؤولية عن حاجيات الطفل دون إعطائه النسب لما في ذلك من خلاف مع الشرع والدستور ولما يؤدي إليه من هدم للأسرة.
وختم المجلس بإعطاء رأي حول قضايا لا تقبل تجاوز رأيه فيها إلا بأمر من أمير المؤمنين، وهي على وجه الخصوص قضية اشتراط الزوجة الأولى عدم الزواج عليها في العقد وحذف المادة 400 من المدونة الحالية التي تحيل على الفقه الإسلامي على المذهب المالكي كمرجع فيما لا نص فيه في المدونة.
كما جاء التقدير المصلحي للمجلس العلمي موافقا لعدد من مقترحات الهيئة، ومنها حصر سن الزواج في 18سنة كقاعدة و17 سنة كاستثناء؛ وانعقاد العقد دون شاهدين مسلمين في المهجر عند التعذر والنيابة الشرعية المشتركة على الأبناء واعتبار العمل المنزلي مساهمة في الأموال المكتسبة عند قيام الزوجية، ووجوب نفقة الزوجة بالعقد، وإيقاف السكنى للزوج الباقي في الحياة عوض العمرى الإجبارية وأسبقية الديون في الأموال المشتركة، وبقاء حضانة من تزوجت، والمتعة للمرأة طالبة التطليق والمساواة بين أبناء وبنات الأبناء في الوصية الواجبة.
وقد حظيت بعض المقترحات بنقاشات علمية وفقهية واسعة ومنها موضوع إيقاف السكنى للزوج الباقي حيا والتي فهمت على أنها إخراج لبيت الزوجة من التركة دون اعتبار بالمدة ولا بحجم المسكن ولا بحاجة باقي الورثة خاصة ممن يسكنون في هذا المسكن. ونفس الأمر بخصوص اعتبار العمل المنزلي منميا للأموال المشتركة المكتسبة عند قيام الزوجية وإعطاء الأولوية للديون المشتركة في الأموال المكتسبة، وكذا الاستغناء عن الشاهدين المسلمين في انعقاد الزواج عند التعذر بالنسبة للعقود المبرمة خارج المغرب.
كما أثارت بعض المقترحات الأخرى خلافات فقهية واجتماعية وصلت إلى حد التنكيت والتندر في وسائل التواصل الاجتماعي ومنها بقاء الحضانة للأم بعد زواجها وبما يعنيه من استمرار النفقة في شقها المتعلق بسكنى المحضون ومصيره في حالتي انتقال الحاضنة إلى بيت الزوجية الجديد أو سكن زوجها الجديد معها في بيت المحضون وما يثيره ذلك من إشكالات اجتماعية ونفسية أو أضرار مادية بالنسبة للزوج الأول ولاسيما في حال رغبته في الزواج مرة أخرى، نفس هذا الجدل أثارته مقترحات إيقاف السكنى على الزوج الباقي على قيد الحياة بدل العمرى الإجبارية بدون ضوابط ولا شروط، وكذا ما يتعلق بالذمة المالية المشتركة والخلط في آن واحد بين عقد الزواج بطبيعته الشرعية بوصفه ميثاق شرعي غايته الإحصان والعفاف وتكثير سواد الأمة وبين باقي العقود الأخرى ذات الطبيعة العوضية من قبيل الاتفاق على تدبير أموال مشتركة بين الزوجين المستقلين في ذمتهما المالية.
من جهة أخرى تسببت الطريقة التي تم بها تقديم هذه التعديلات من طرف الحكومة في إحداث مخاوف كبيرة من الزواج لدى فئات عريضة، وذلك في ضوء الاختلاف بين مضامين التعديلات التي وردت في عرضي كل من وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير العدل، هذا الأخير الذي انزاح عن منطق الدولة إلى منطق الحزب ومن مستلزمات المنهجية التشاركية التي تبحث عن المشتركات وتقدم الإنجازات كمكتسبات جماعية وتعرض النقائص كتحديات مستقبلية تقبل الحوار بين الآراء المتدافعة، ليسقط الوزير بذلك في امتحان التكليف الملكي بالتواصل حول التعديلات باعتبارها ليست انتصارا لفئة ضد أخرى أو تغليب لطرف على طرف.
ومما ساهم في هذه المخاوف أيضا هو تعجل بعض أحزاب الائتلاف الحكومي ومطالبتها بالإسراع في إحالة التعديلات على البرلمان بقصد المصادقة، في تلميح إلى الأغلبية العددية ببرلمان 8 شتنبر 2021 (بلاغ حزب الأصالة والمعاصرة)، وذلك دون اكتراث لما جاء في بلاغ الديوان الملكي بخصوص “الآجال المعقولة”، التي يتعين احترامها أثناء بلورة التعديلات وصياغتها في مبادرة تشريعية، طبقا للأحكام الدستورية ذات الصلة، وما سيليها من مناقشة وتصويت بمجلسي البرلمان، من تقيد “بالمرجعيات والمرتكزات التي ستؤطرها، والمتضمنة في الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة، ويتعلق الأمر بمبادئ العدل والمساواة والتضامن والانسجام، النابعة من ديننا الإسلامي الحنيف، وكذا القيم الكونية المنبثقة من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وذلك في استحضار لإرادة الإصلاح والانفتاح على التطور التي ينشدها، من خلال إطلاق هذه المبادرة الإصلاحية الواعدة، بعد مرور عشرين سنة على تطبيق مدونة الأسرة، وضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، والنظر إلى مضامين المراجعة في تكامليتها، وأنها لا تنتصر لفئة دون أخرى، بل تهم الأسرة المغربية، التي تشكل الخلية الأساسية للمجتمع، وهو ما يتطلب الحرص على بلورة كل ما تقدم، في قواعد قانونية واضحة ومفهومة، لتجاوز تضارب القراءات القضائية، وحالات تنازع تأويلها”.
من جهة أخرى، لم يخل سياق الإفصاح عن مخرجات هيئة المراجعة من ملاحظات نقدية بعضها طالب بالتمهل لمدارسة الآثار المستقبلية لهذه التعديلات في ضوء نتائج الإحصاء العام للسكن والسكنى وما أظهره من تحديات على النمو الديموغرافي وعلى قدرات التجدد الجيلي في ضوء واقع الهندسة العمرية للبلاد وعواقبها الاجتماعية والاقتصادية والتنموية وبعضها الآخر؛ ألمح إلى ما يمكن أن ينطوي عليه التوقيت من خلفيات سياسية تروم إبعاد الرأي العام عما يجري في فلسطين من جهة وفي موضوع تضارب المصالح في الصفقات الاقتصادية الكبرى التي ترسو على مقاولات تعود ملكيتها إلى شخص يجمع في الآن ذاته بين صفة مقاول وصفة رئيس الإدارة المغربية ورئيس الحكومة.
وتفاعلا مع هذه المبادرة الهامة الرامية إلى مراجعة مدونة الأسرة بعد أزيد من عشرين سنة على تطبيقها، ارتأت مجلة تحولات معاصرة أن تنخرط في هذا الورش الإصلاحي الكبير الذي تشهده مدونة الأسرة المغربية، وذلك من خلال نقاش علمي لمختلف الجوانب والأبعاد الشرعية والفقهية والاجتماعية والثقافية، عبر مقاربات متقاطعة غايتها الأساسية هي مراعاة المصلحة العامة للأسرة والمجتمع والدولة في استحضار للآثار المرتقبة لهذه المراجعة ليس على الأسرة واستقرارها وتماسكها وضمان حمايتها الاجتماعية والقيمية والثقافية والحقوقية وحسب؛ ولكن وهو المهم على استقرار المغرب وتماسكه ابتداء من خليته الأساسية الأولى وهي الأسرة إلى أعلى مؤسساته الاجتماعية والمجتمعية والسياسية حاضرا ومستقبلا.
وسيتمحور العدد الثامن من مجلة تحولات معاصرة حول محور أساسي تحت عنوان “مستقبل الأسرة المغربية في ضوء مخرجات هيئة مراجعة المدونة”؛ على أن تتمحور باقي المحاور الفرعية حول مجموعة من الأسئلة منها ما هو منهجي ومنها ما هو موضوعاتي، وذلك على النحو التالي:
المحور المنهجي:
– أي أسرة مغربية في ضوء التحولات القيمية والتحديات الديموغرافية والاجتماعية؟
– النموذج الأسري بين المرجعية الإسلامية والمرجعية الحداثية؟
– النموذج الأسري في الغرب: دراسة نقدية في القيم المؤسسة والأدوار المجتمعية؛
– حدود مخرجات الهيئة بين الضمانات الدستورية ومهددات التماسك الأسري على ضوء مؤشرات وأرقام التقارير الوطنية؟
– آراء المجلس العلمي الأعلى: بين مقتضيات الاجتهاد الشرعي ومستلزمات الملاءمة مع المواثيق الدولية التي صادق أو سيصادق عليها المغرب؟
المحور الموضوعاتي:
– آراء المجلس العلمي الأعلى في ضوء أدلة المذهب المالكي؟
– بدائل المجلس العلمي الأعلى: اجتهادات شرعية معتبرة أم خضوع للضغوط السياسية والإيديولوجية؟
– إيقاف السكنى للزوج الباقي حيا: حل لمشكلة أم تفجير للعلاقات الأسرية الاجتماعية؟
– تثمين العمل المنزلي كمصدر لتنمية الأموال المكتسبة القابلة للقسمة بعد الطلاق أو الوفاة؟
– الذمة المالية المشتركة في ضوء مخرجات هيئة المراجعة وأثرها على استقرار وتماسك الأسرة المغربية.
– حق النسب بين الحماية الشرعية للأسرة وربط المسؤولية بالمحاسبة في ضوء رأي المجلس العلمي الأعلى؟
– أي حماية لمنظومة الإرث في ضوء بدائل المجلس العلمي الأعلى في حال البنات مع العصبة، والأم الكتابية؟
لمعالجة هذه الأسئلة وغيرها من الموضوعات الواردة في تقرير هيئة مراجعة مدونة الأسرة، بما فيها تلك المحالة على المجلس العلمي الأعلى قصد النظر الشرعي، يسر مجلة تحولات معاصرة أن تطلق هذا الاستكتاب العلمي لإتاحة الفرصة أما الباحثين والمهتمين لمعالجة القضايا والإشكالات المتعلقة بالأسرة المغربية في ضوء مخرجات هيئة مراجعة المدونة في انفتاح على مختلف المقاربات وزوايا المعالجة الشرعية والفقهي والفكرية والثقافية والسوسيولوجية والقانونية.
وتبعا لذلك يسر المجلة أن تتلقى المشاركات تبعا للشروط التالية :
شروط المشاركة:
يشترط في كل بحث مقدم للنشر توفره على الشروط الآتية:
– أن يتوفر على شروط البحث العلمي، ومعايير التوثيق العلمي المعتمدة؛
– أن يكون البحث أصيلا، وغير منشور في كتب أو مجلات أخرى؛
– ألا يزيد البحث عن 6000 كلمة بحجم الخط 16 في المتن و12 في الهوامش؛
– أن توضع الملاحق والمراجع والفهرس في آخر البحث؛
– تخضع جميع البحوث للتحكيم من قبل الهيئة العلمية للمركز، ويبلغ صاحب البحث بملاحظات ورأي الهيئة العلمية؛
– يرحب المركز بمختلف الآراء العلمية والفكرية شرط التزامها بالضوابط العلمية والمنهجية المتعارف عليها؛
– تستقبل اللجنة العلمية البحوث الكاملة في أجل أقصاه: 10 فبراير 2025؛
– ترسل المقالات والدراسات والأبحاث عبر البريد الإلكتروني: tahawolat.cemerc@gmail.com